واجهت الولايات الشرقية قبل اسابيع عاصفة جوناس الثلجية والتي شلت الحركة في مناطق واسعة بسبب تساقط الثلوج بكميات غزيرة!  وكما هو الحال في حالات العواصف الشديدة، فقد أنشئت مراكز لإدارة الطواريء في المدن المتوقع تضررها وتم نشر التحذيرات قبل وخلال وبعد العاصفة بالاستعداد وتوخي الحذر والابتعاد عن الطرقات. كما استمرت بعض القنوات التلفزيونية بتحديث الاخبار الخاصة بالعاصفة باستمرار والتأكيد على اجراءات السلامة الواجب اتخاذها على مدار وقت حدوث العاصفة ! 

عجباً أرى ولعله أعجب ما قد يُرى ويُسمع، أفرادٌ تتشدق بوطنيتها وترابط أممها بينما لبِناتها مهترئة.. متنافرة.. ونتنة.. وبيوتها مهشمة.. متآكلة من داخلها.. وبنسمة من المشكلات تتهاوى ساقطة.. كيف لا ولا أساس يدعمها.. أو عمادٌ من الرقي والسماحة يرفعها!!

كان و مازال الهدف من الابتعاث أعمق من مجرد الحصول على درجة علمية. إنها تجربة متكاملة و غنية بالفرص والمهارات وكذلك الكثير من العقبات! وتختلف هذه العقبات من شخص لآخر باختلاف المكان والقدرة الشخصية على التكيف واكتساب المهارات! وهذا ما ظهر جلياً من اجابات المبتعثين على السؤال الاسبوعي الخاص بموضوع إدارة المكافئة الشهرية و التحكم بالمصروفات.

اهتزت الطائرة و ارتجفت اطرافها حين لمست إطاراتها سطح الارض مجدداً، تماماً مثلما اهتزت خلجاتنا واضطربت مشاعرنا حين وطئت قلوبنا أرض بلاد الابتعاث! ومع تباطؤ سرعة الطائرة، تسارعت الأفكار وتنوعت التساؤلات، ما بين طموح طالبة مبتعثة وتوتر أم مغتربة تدرجت أعمار ابنائها بين الثلاث سنوات والسبع عشرة سنة!

وفي رحلة مفعمة بنشاط الأبناء وحماسهم؛ رحلة كانت كالدهر في طولها. ذهبت محاولاتي اليائسة للبحث عن وضعية مريحة للإسترخاء أدراج الرياح حين بدأت أُبحر وحيدة في أعماق نفسي! فأغرقتني هواجسي!! و بدأت أراجع قراري في الصمود شامخة بكامل هويتي الاسلامية في ديارهم! هل سيرحبون بضيف مختلف؟، و هل ستجدي محاولاتي تخفيف حدة الاختلاف بهوية ملونة مريحة لأنظارهم و لقلبي في اندماجي بينهم! و هل سيستوعب ابنائي هذا الاختلاف ؟!!