•   info@saudiusa.com
«السعودية الحديثة»
( 0 Votes ) 
22 نيسان 2018

«السعودية الحديثة»

الكاتب: حيلان بن لبده

 

الزيارة المكوكية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان ركزت بشكل واضح على الاقتصاد، فالإنجاز الاقتصادي الناجح ورفع معدلات النمو الاقتصادي وتحسين مستوى الدخل لم يعد مطلباً شعبياً وأممياً وحسب، بل أصبح هو الأساس الثابت والمرتكز الرئيس في ترسيخ دعائم الشرعية السياسية للدول.

ومن إحدى صور المفارقات التاريخية في الانتخابات الأميركية في تسعينات القرن المنصرم والتي أدت إلى هزيمة ساحقة لبوش الأب أمام بيل كلينتون هو الاقتصاد، فرغم امتلاك الأول لرصيد تراكمي واسع من الشرعية التي استمدها من النصر في حرب الخليج، وإسقاط الاتحاد السوفيتي، وتدشين مرحلة القطبية الأحادية، وإرساء قواعد النظام العالمي الجديد بقيادة أميركا، إلا أن كلينتون الرئيس المجهول القادم من أرياف أركنساس رفع شعار (إنه الاقتصاد يا غبي) وتمكن بهذا الشعار الإعلامي من دحر ذخيرة واسعة من مصادر الشرعية التي اعتقد بوش الأب أنها ستدحر خصمه منذ الوهلة الأولى.

ولأن الاقتصاد الدولي المعاصر في عصر العولمة مشروط بثلاث مقومات أساسية للنجاح والازدهار متمثلة في الانفتاح الثقافي، التكامل الاقتصادي، واقتناص الفرص الاستثمارية، لذلك فإن هذه الزيارة التاريخية ستشهد تحولاً تنموياً نوعياً على المستوى المحلي والاقليمي والدولي، فبذور الاقتصاد التي زرعها ولي العهد في مصر، حتى تنمو في بريطانيا وفرنسا، وتنضج في أميركا، سيشهد حصادها المواطن في المملكة، وهذا هو الملمح الأساس في التكامل الاقتصادي بين الدول. ولاستكمال مقومات النجاح الاقتصادي، فإن هيئة الاستثمارات العامة ستكون الإداة الاستراتيجية التي تمتلك الآليات التنفيذية السريعة والمرنة لاقتناص الفرص الاستثمارية في العالم.

ولذلك فإن من أحد أهم الأهداف لزيارة ولي العهد إلى المناطق الاستثمارية، ومعظم الشركات الكبرى في العالم التي تستحوذ على نصف الناتج القومي في العالم تسهيل عمل هيئة الاستثمارات العامة في الانخراط في المفاوضات، وصناعة الاستراتيجيات الناجحة في جذب استثمارات تلك الشركات، وإعادة تدوير رأس المال الدولي، ورفع الحصيلة النقدية للاحتياط النقدي المحلي، وكل ذلك سيسهم حتماً في ضخ المزيد من رؤوس الأموال في السوق السعودي، وهو الأمر الذي سيؤدي بطبيعة الحال إلى توفير فرص العمل، وتحسين الحراك الاجتماعي، والتخفيف من حدة البطالة والتفاوت الطبقي في المجتمع، ورفع مستوى الدخل الفردي ومعدلات التنمية الإنسانية.

ولأن الخوف من أهم سمات رأس المال، فإن المستثمر الأجنبي يتطلع إلى المناطق التي تشهد معدلات عالية في الاستقرار السياسي والأمني، وهو المعيار المشروط بالانفتاح الثقافي. فالأزمة الكبرى التي تشهدها معظم دول الشرق الأوسط تكمن في استغلال الخطاب الإسلاموي للوعي الجمعي المناهض لكل صور الاندماج بالعالم، والتشرنق حول خطاب إقصائي يمجد الذات ويهمش كل صور الاعتدال والتسامح الديني، وقبول الآخر والتي تعد من أهم ملامح ضعف الدول وغياب استقرارها. وهذا الشرط الثقافي المنتج للاستقرار السياسي كان حاضراً في تصريحات ولي العهد التي أكد فيها على خطورة دور حركات الإخوان والصحوة والجماعات الإسلامية بكل شجاعة وشفافية ووضوح.

لذلك ووفق تفسيري الذاتي فإن نجاح هذه المعايير الثلاثة وتفاعلها مع بعضها ستحدد المستقبل الثقافي والاقتصادي للمملكة، وستكون موجهات إدراكية لفهم اتجاهات البوصلة الاستراتيجية للقيادة السياسية السعودية.

 

 

 

قسم التحرير

محتوى هذه المقالة لا تمثل رأي صفحة سعوديون في أمريكا او فريق عملها وانما تمثل رأي كاتبها

- Twitter - Facebook
قسم التحرير

موعد نزول الرواتب

تم ايداع المخصصات

تسجيل الدخول