ومضات رمضانية ٢

وبرغم كل هذا الحماس والشوق والاستعداد، تغلبنا ظروف الحياة بمرض أو سفر أو ما كتبه الله على النساء فتضيق الأنفس وتتألم و يغلبها الحزن على فوات الركب. وقد يكابر البعض ويتمسك بخططه ويقاوم ظروفه وقد يشق على نفسه ويرهق جسده ويستمر في الصيام برغم "ان الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه"- رواه ابن حبان في صحيحه.

وببعض التفكر، نجد أننا بهذا الفعل غلّبنا رغبة أنفسنا على مصلحتها، وبدّلنا الأولويات لتوافق أهوائنا بدل واجباتنا. أليس من فرض الصوم هو من أباح الفطر وأوجبه في بعض الحالات؟ أليس الرضا بأمره والعمل بفرضه تتضمن الفطر مثلما الصيام؟

" يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" فكما ان الاهتمام بصحتنا أولى وأحب الى الله من القيام بطاعة تتعارض معها. فكم من المواقف في حياتنا تخفى علينا حكمتها ولكن نعلم يقيناً أن فيها الخير ولكن تغلب قلوبنا عقولنا فنبذل جهدنا في غير مكانه او زمانه. والأمثلة في حياتنا اليومية كثيرة، وأقرب مثال لكل فرد كان او سيكون يوماً ما أماً او أباً يقضيان الساعات داخل البيت وخارجه لتوفير حياة كريمة مرفهة لأبناءهم ويبليان أنفسهم بلاءً عظيماً وقد تمضي الأشهر والسنين وهم بالكاد يجدون لأنفسهم متنفساً من الراحة وبالمقابل، يفتقد ابناءهم وجودهم او يفقدون سماحتهم وسعة صدورهم وحنانهم الذي يغيب في دهاليز المستحب على حساب الواجب.

فلنتق الله في انفسنا التي استئمننا الله عليها ولنتفكر في مهامنا وواجباتنا ونتخير منها ما نرتقي به في سلم رضى الله لا رضى خلقه او رضى أهوائنا.