جـــنـــي عـــاشـــق !!

نظر الدكتور في وجوه أصدقائه الذين قدموا إليه من مدينة أخرى لأنه معلمهم الأول والأفضل، واعتذر منهم وقال للرجل: تــعــال

أخذه إلى الغرفة المجاورة للمجلس، وقال له أخبرني ..

_ بنتي يا شيخ مريضة بها جــن يشلونها شيل .. وديتها كل مكان وكل واحد فيهم يقلي شيء، مره سحر مره عين مره جن.. تعبت يا شيخ والله تعبت.. واليوم قامت تصارخ وتضرب نفسها .. ويوم أكلمها ما تجاوبني بس تناظر فيني.

_ هل حالتها الآن مستقره؟
_ تركتها وهي تصرخ
_ طيب.. أرجع وسيبها تصرخ لين تهدأ من نفسها .. وجيبها بكره وإن شاء الله خير ولكن عليك ..

يقاطعه الرجل : تكفي .. تكفي يا شيخ، هذي بنتي الوحيدة انا داخل على الله ثم عليك بكره أكون عندك.

_ طيب طيب .. بكره إن شاء الله الساعة 5 العصر تكون عندي.

يعود الدكتور لأصدقائه ويعتذر لهم عما حدث. يقبلون اعتذاره فوراً ويقولون لم تخطئ فقد شاهدنا المنظر مباشرةً. يسأله أحدهم: دكتور رياض هل يسمونك شيخ هنا ؟

يبتسم.. " نعم " إليك القصة ..
في أحد الجمع، تغيب إمام الجامع الكبير عن أداء الصلاة مما أحدث فوضى و ربكة كبيرة في المسجد، فقمت أنا متداركاً الموقف بإلقاء خطبة عصماء من تلك الخطب الرنانة التي تتردد على مسامعنا كثيرا في المساجد .. لأفاجأ بعد ذلك بهذا اللقب ملتصقا بي عند رجالات الحارة ...

صحيح بأني عارف بعلوم القرآن وأمور السحر والعين والتلبس، ولكنني حقاً لا أحب أن أدعى بذلك ..

الناس هنا طيبون و مشكلتهم بأن ثقافتهم تعتمد على الدين في كل شيء .. لذلك هم لا يقدرون طلاب العلوم الأخرى و الغير شرعية كما يصفها " المشايخة ".. حتى الافكار لن تشق طريقها اليهم و لن تجد قبولا عندهم ما لم تتلبس لبوسا دينيا .. أضف إلى ذلك أنهم يعانون من مشاكل مادية كبيرة .. الانسان هنا بحاجة الى الكثير الكثير.

_ ما علينا .. وش كان اللعب؟
_ انته اشتريت صن يا دكتور أقصد يا شيخ، والأستاذ منصور دبلك.

يضحك الجميع

***
في تمام الساعة الخامسة من اليوم التالي .. وصل الرجل عند باب البيت و معه ابنته المريضة، أخوه، و أحد أبنائه ..

سلموا و رد الدكتور/ الشيخ  السلام ..

جلس الجميع .. و اقترب الدكتور من الفتاة وقال لها بصوت عالي: وش فيك يا بنتي؟ فلم ترد عليه.. اقترب منها وبدأ بالقراءة عليها .. تحرك جسم الفتاة بحركات غير طبيعية .. أكمل القراءة .. تتأوه .. ما زال يقرأ .. تبكي .. يرفع صوته .. فتضحك.

أستمر على هذه الحالة قرابة الخمس دقائق وفجأةً توقف.. نظر إلى الحضور وقال للأب: أخرِج أخاك وابنك .. أريدك لوحدك.

فخرجوا جميعاً وقال له: ابنتك مشكلتها كبيرة .. سأكمل القراءة والحوار مع الجني، لو تكشفت وبدأت بتقطيع ملابسها فلا تنتظر حتى أناديك .. قم مسرعاً وامسك بها لأنني لن ألمسها .. والآن أريدك أن تذهب في الزاوية المقابلة للمجلس لكي لا تتضرر.

يوافق الرجل الذي بدا أكثر خوفاً على ابنته.

اقترب الدكتور رياض من الفتاة وقال لها بصوت حنون: وش فيك يا بنتي؟ قوليلي .. ممكن أقدر أساعدك. ترى انا ما قرأت عليك ولا شيء من القرآن .. إنما أتمتم بشعر غزلي قديم وأغنية لمحمد عبده، أبوك بعيد وماراح يسمعك.. وأوعدك لو قلتيلي راح أساعدك.

فبكت بصوت هادئ خفيض وقالت .. يا شيخ انا أحب واحد من زمان وتكلمنا كثير وانا مني قادرة أعيش من غيره.
_ وانتي ايش يضمنك إنه يبغاك زي ما تبغيه؟
_ جا خطبني من أهلي مرتين ورفضوه .. لأن قبيلته أقل من قبيلتنا
_ يشتغل ؟
إيه .. والله إنه رجال محترم ويشقى على نفسه، وأهله ما يساعدوه. ولكن أهلي رفضوه. وانأ أحبه كثير. وهو ما يبغى يتزوج غيري. ولو عرفوا أهلي أني أكلمه بتكون نهاية حياتي.

_ كم عمرك ؟
_ 29 وأهلي ما يبغوا يزوجوني إلا من رجال قبيلتنا.

قال لها الدكتور: أسمعي مني وأحفظي.. ترجعي الآن إلى البيت .. تكلمي حبيبك .. تخبريه انه يأخذ أهله ولا يتأخر عن 3 أيام ويتقدم ويخطبك من جديد.. وتأكدي عليه إنه يسويها .. وأوعديه إن أهلك راح يوافقوا ويسهلوا موضوعك.
_ بس ياشيخ أهلي رفضوه مرتين..
_ سوي اللي اقلك عليه وأحرصي إنه يوعدك إنه يسويها .. ولا تكلميه بعدها أبداً. ولو ما سويتي اللي قلتلك علية .. ترى أبوك جالس الآن أقله.

_ لا لا خلاص يا شيخ .. أوعدك.

***

ينادي الدكتور رياض الرجل ويقول له: إن بنتك بها جني عاشق، بل هو عـفـريـت من الجن، وهذا النوع يعذب الانسان عذاباً شديداً.
_ والحل يا شيخ ؟
_ زوجها أقرب رجل يتقدم لها ووافق ولا تعطل الأمر، بل سرع بإجراءات الزواج. إن استمرت بهذه الحالة قد تفقد صحتها .. وقد تذهب إلى الجنون، لأنها وصلت لحالة خطيرة. والزواج هو الحل الأنسب.

_ طيب لو جالها واحد .. وما تعالجت ؟!
_ إذاً سأمسك بكل شهادتي وأرميها في سلة المهملات. ثق بالله وأعلم أنني أعالج من 20 سنة.

_ تمام يا شيخ تمام.

***

3 أسابيع .. يدخل شاب على الدكتور في بيته المفتوح للجميع .. يقبل رأسه .. ويقول له أنا عاصم، عرفتني يا شيخ؟
_ لا والله يا ولدي ما عرفتك!
_ انا اللي جاتك فلانه وقلتلها إنها تكلمني عشان أجي أخطبها.
_ أيوه أهلاً أهلاً يا ولدي .. هااا بشر؟

_ أبد.. بغيت أعزمك على زواجي منها الأسبوع الجاي، والله يوفقك على اللي سويته .. ولو احتجت أي شيء انا هنا في البلد خدامك.
يجيبه: أنتظر هنا لحظه ..

يعود الدكتور ومعه ظرف .. ويقول له .. سلم على زوجتك وإن أردت أن تخدمني، فأحسن معاملتها لأنها أخطأت كثيراً بحق أهلها من أجلك. وهذه "عانية" مني لكما.

وفقك الله