•   info@saudiusa.com
الطبقية اللاإنسانية
( 0 Votes ) 
19 تموز 2014

الطبقية اللاإنسانية

سعوديون في في أمريكا - سعيد المرزوق (المسابقة الرمضانية- فئة المقالات-26)

ما هما الشعوران المتضاربان الذان يتمّان تلقائياً بداخل كل إنسان منّا؟

ألا يخفى علينا أن هناك طبقية مخجلة و واضحة في المجتمع السعودي، و من يحاول إنكار ذلك فهو يعيش بداخل فقاعة من الأوهام، و من خلال رؤيتي لطرق معاملتنا للجاليات الأجنبية العاملة في السعودية توضح أن هناك طبقية بشعة تعشعش بيننا في مجتمعنا، فكم من سائقٍ انتظر تحت أشعة الشمس أو لفحات الرطوبة أو في الغبار لساعات حتى تخرج زوجة كفيله حتى يوصلها إلى المجمع التجاري حتى ينتظرها لنفس المدة الزمنية التي انتظرها قبل أن تخرج من

بيتها؟ و كم من خادمة منزلية جلست لتأكل وجبتها اليومية لوحدها لا أحد يجالسها سفرتها لمدة سنتين أو أكثر؟ و كم من عامل في مطعم شُتمت شجرة عائلته بأكملها لا لشيء، فقط لأنه نسي أن يضع المزيد من الشطة في إحدى الساندويتشات؟ كل هؤلاء و غيرهم قد تعرضوا يوماً ما لمثل هذه الإهانات أو لغيرها داخل المجتمع السعودي.

أما في الغربة، فلا شك بأن المغترب سيشعر بنفس الشعور الذي يشعره المغتربون في بلادنا، فمثلا عندما تكتظ مغسلة المطبخ بالأواني المطبخية المتسخة فلن يكون هناك خادمة لتغسلهم عنه ، و سيضطر للوقوف لساعة أو أكثر فقط لينظف تلك الأواني، و سيطبخ وجباته اليومية كاملة بنفسه حتى يأكلها في النهاية لوحده، و سيجمع ملابسه بنفسه ليأخذها للغسالة و من ثم الجفافة، و سيضطر ليرتب سريره و يكنس الصالة و يمسح غبار النوافذ، و بذلك فلابد له بأن يستشعر ما تشعره الخادمة عندما تكنس منزلاً كاملاً لا شقة، و تغسل و تكوي ملابس 7 أفراد لا فرد واحد،و سيشعر المغترب لا محالة بأنه أجنبي في بلاد الغربة كما شعر الوافد إلى بلادناتماماً.

أنا متأكدٌ تماماً بأن نسبة كبيرة من المبتعثين عندما يعودون لبلادهم، سوف تختلف معاملتهم للموظفين في منازلهم عن ما كانت عليه قبل أن يغتربوا، إلا من لم يمتحن الغربة حقيقياً، سوف يرونها قاسية أن تجتمع جميع أفراد العائلة على سفرة الطعام بينما تأكل الخادمة لوحدها في المطبخ، و سوف يكون عذاباً أن ينتظر السائق لساعات خارج المنزل في جونا الحار غير مسموح له بأن يدخل المنزل تحت التكييف، و سوف يشعر ببشاعة الأمر عندما يسمع أحدهم يشتم العامل في المطعم أو البقالة أو محطة البنزين، و سوف يتضح له بأنه الكثير من الوافدين إلى بلادنا يتعرضون للإهانة بشكل يومي و ذلك لأن التجربة الثقافية في مجتمعنا جعلتنا نشعر بأن الوافدين هم بشرٌ من الدرجة الثالثة أو الرابعة، و لم نشعر بأن ما هم إلا بشرٌ مثلنا إلا عندما اغتربنا كما اغتربوا و تعبنا كما يتعبون.

إن الشيء الذي يجعل الطبقية الحتمية محتملة هو المعيار الإنساني و التعاطف المشترك الذي نتكيء عليه جميعنا أملا في التخفيف عن من هم يخوضون معركتهم الحياتية الشخصية الشرسة و يمرون بظروف معيشية قاسية و صعبة و أحياناً بشعة، يجب علينا أن نفهم أن العاملة موظفة لا جارية، و أن السائق هو أيضاً موظف و ليس عبداً،

أننا نوظفهم في المنزل لا نشتريهم كما نشتري البرتقال و الملابس و مختلف الأشياء الماديّة، هؤلاء بشرٌ عاملون و منتجون لا أشياء بلا كيان أو عقل أو ثقافة، لذلك علينا أن نضع حداً للطريقة التي تسير فيها الأمور خصوصاُ بعد أن عرفنا بأنفسنا أن الإغتراب الجسدي و الروحي عن أوطاننا ليس دعابةً مضحكة بل هو مؤلمٌ و صعب و يفتقر إلى التعقل و المنطقية مهما حاولنا إرغام أنفسنا على التحمل

موعد نزول الرواتب

تم ايداع المخصصات

تسجيل الدخول