أحباب غادرو الحياة وأنت مغادر ومغترب عن الوطن
سعوديون في أمريكا - سلطان التركي (المسابقة الرمضانية- فئة المقالات-24)
هذه الدنيا وهذا حالها فكل من عليها فان، فالموت حقيقة ثابتة وبوابة سيمر بها كل أحد. مر بها الغني والفقير، الملك والخادم، والوزير والغفير فلا مفر وعند الله المستقر. كنا بالأمس نُعزِي الآخرين على فقدهم لقريب أو حبيب واليوم نُعزٓى على فقد أقاربٍ و أحبابٍ لنا وغدا سيُعزى لفقدنا، فكفى
.هذه القصة أجزم بأنها عامل مشترك بين العديد من المبتعثين والمبتعثات، فالكثير منا فقد أحباباً ولم يتسنى له أن يلقي عليهم آخر النظرات، حتى إن كانت هذه النظرات على كفن ملفوف. لم يتسنى له أن يشارك في مواساة الآخرين ولا أن يجد شخصاً يواسيه، فالمصيبة وقعها على الفرد أعظم من وقعها على المجموعة. حينها تشعر بوطأة الغربة، وتشعر وكأنك تعيش على كوكب آخر يفصلك بملايين السنين عن كوكب الأرض. تتمنى حينها بأن سرعتك كسرعة الضوء لتمكنك من قطع آلاف الأميال بلمح البصر لتكون في أرض الوطن. ولكن المولى عز وجل أراد بأن تكون أنت هنا، ويكون ذلك الحبيب هناك، هناك بعيدا جدافي ظل تلك الحيرة والحزن، ينهمر فيض الرحمات وسيل الإيمان من حيث لا تدري ليذكرك بقول الله تعالى " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّيفَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ" فتعلم أن المسافة الفاصلة بينكم هي دعوة صادقة, فكيف بها وهي صادرة من مسافر مضطر، فالله جل في علاه موجود في كل مكان وزمان. وكذلك تأتي آية أخرى لتزيل آثار الندم وهي قوله تعالي "وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَلاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ"، لتعلم أنه لم يكن بالامكان أفضل مما كان. وأخيرا يأتي الطموح والعزم ليشد على يدك ويذكرك بالهدف الذي أتيت من أجله وهو هدفٌ سامٍ " طلب العلم"، وكلك إيمان بأن تحقيق هذا الهدف فيه سرور لذلك الحبيب الذي فقدت، فيزيدك هذا إصراراً ومثابرةً على نيله. في الختام، أحث نفسي وإياكم على أن نجعل من ألامنا حافزا لنا على المواصلة والتقدم، ولنصنع من العقبات وحجرات العثرة سُلماً نحو القمة. طريق النجاح شاق ولكنه بالتأكيد يقود إلى مستقبل جميل بإذن الله. اسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرحم موتانا وموتاكم، وأن يغفر لهم ويرحمهم، وأن ينزل على قبورهم الضياء والنور والبهجة والسرور. واسأله سبحانه أن يحفظ لنا ولكم أحبابنا وأحبابكم وألا يريكم مكروه.