ليست حياة سعيدة كما تعتقدون
سعوديون في أمريكا- صبا اللقماني (المسابقة الرمضانية- فئة المقالات-22)
يٌسمى اغتراب ولكنه في الحقيقه اقتراب لحقائق بعيده كل البعد عن السطحية والرفاهية. نعيش هنا في واقع يختلف تماماً عن واقع الوطن، في مدن لاننتمي لها ولكن نجتهد وقد نصارع لنشعر بكياننا في ارجاءها ، نسعى لأن نجتاز كل تلك العوائق ونستيقظ كُل يوم لنرى مدى اقترابنا من تحقيق احلامنا ومدى اقتراب موعد عودتنا
لإختلاف المكان والزمان، نعم كل شي تغير، مثلنا تماماً. لعلّك كنت تحلم بلقاء من لم يكن بإنتظارك او كنت للبعض قد رحلت بلا عوده منذ اللحظه التي أقلعت فيها طائرتك. بالمقابل البعض يريدك ان ترحل لسنين وتعود كما أنت بجانب شهادتك التي من المستحيل ان تحصل عليها بدون أن تتغير. هم لا يعلمون ان الغربه بحد ذاتها مدرسة وإن لم تخرج منها بتغيير للأفضل فأنت لم تفعل في الحقيقه شيئاً وستعود في تابوت الرجعيه حتى وإن حملت حرف الدال قبل اسمك، لأن التغير فعل وليس حرف وتوقيع. قبل عودتك ، يرى البعض صوراً لك في مكان جميل ويظن ان كُل ايامك بجمال تلك الصورة ، ولعلّ تلك الصورة كذبه بيضاء نُخبر بها من نحب أننا بخير. لا يعلم البعض عن الإغتراب شيء، وعن لحظات الغربه التي ابكت الرجال قبل النساء. كثيراً ما نصل إلى مرحلة اليأس ونعود لنقف مجدداً بعد كُل فشل او هزيمة وقوف نفاجئ به أنفسنا. الحياة هنا ليست جنة كما يظنها البعض، نعم حرية ، و لكن تأكدوا بأن لكل شيء ثمن، وأحياناً هذا الثمن لا يعوّض. فهُناك مبتعث هو العائل الوحيد لأهله. وآخر هو كُل ماتبقى لأهله من طموح، وهناك من ضحى بأغلى ما يملك وراهن على نجاحه أمام كل تلك الأصوات التي نادت بفشله حتى قبل ان يبدأ.
وهُناك من يحمل على عاتقه مصاريف أبناء بجانب هموم دراسته.تختلف قصصنا، وتختل أهدافنا و لكل شخص منا شيء يسكن قلبه وخرج من أجله وقطع كل تلك المسافه ليحققه.. لتنتهي الغربه في ساحة القادمون إلى هناك من تنتظره حفاوة مليئة بالزينةوالزهور وهناك من يستقبله واقع قد هرب منه ليخوض بطموحه أول معاركه بعد كل تلك السنين. المهم ان تكون عقولنا اثقل من حقائب لعوده ..
كل ما أردت قوله أن الغربة فرصة ذهبية لمن يحسن الإستفاده منها، فـالحياة هُنا بمستوى عالي من الإزدحام والجنون، ولكل مبتعث حرية الإختيار. فقط لا تظنوا ان تذكرة السفر كانت ( سياحية ).