الأوسط وخاصة السعودية. أما الآن فقد اختلف الوضع اختلافا كليا وهذا ما اسميته بالاستعمار السعودي ع الرغم أن كلمة استعمار تحمل في طياتها السيطرة والاجبار عدا عن ذلك أن مساوئه غالبآ أكثر من حسناته لكن ف هذه الحالة نتحدث عن الاستعمار الثقافي والحضاري  

فلا أحد ينكر أن ابتعاث الطلبة السعوديين قد ساعد جدا في تحسين اقتصاد أمريكا أضف إلى ذلك أن الشعب الأمريكي قبل خمسة سنوات كانت لديهم معلومات كثيرة مغلوطة

عن السعودية لكن الآن غالبية الشعب قد تنور والبعض منهم أصبح يردد الكثير من الجمل العربية التي نقولها مثل " السلام عليكم " "كيف الحال"

كما أن نظرتهم للإسلام قد تغيرت كليآ

وهذا ما ساهم في تبادل الثقافات من خلال الاحتكاك المباشر والتعاملات اليومية مع الأمريكيين

بكافة طوائفهم

وع النقيض بعض الطلبة السعوديين غرق في الثقافة الأمريكية وانغمس بها حتى تشوهت لديه الهوية الإسلامية والوطنية

مع أننا لا ننكر أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت صدمة حضارية للكثير من خلال تقدمها علميآ وتكنولوجيآ حيث أننا نعلم مسبقا بأن عدد الجامعات ف كل ولاية قد يصل إلى ستة جامعات أو أكثر وتختلف مستوى قوتها

بحسب قوة تخصصاتها كما أن الجميع يتفق ع أن أكثر صدمة حضارية كانت ف قوة تطبيق الشعب الأمريكي للنظام دون متابعة أضف إلى ذلك حبهم للعمل أي أننا نستطيع أن نقول عنهم بأنهم " شعب كادح" يبحث عن لقمة العيش ليعيش لا أن يترفه وبرغم أن الحالة المادية لدى غالبية الأمريكيين أقل من المتوسط إلا أن النهج الذي انتهجوه ف حياتهم وهو البساطة هو ما أدهش الكثير وأعجبهم ف الثقافة الأمريكية التي امتزجت بأهم معولات تطور الدولة حضاريا وثقافيا

وهذا ما رجح كفة استفادة أمريكا "اقتصاديا"أكثر من استفادة السعوديين أنفسهم

ولعلنا نستعرض هنا اليابان

وألمانيا  برغم احتلال أمريكا لهما بعد الحرب العالمية الثانية إلا أن هاتين الدولتين أصبحتا من الدول العظمى والمتقدمة حضاريا

مع العلم أنهما بدأتا من الصفر إلا أن الكيان الذي صنعتهما لنفسيهما كان أقوى من التدمير

لكننا حتما  نؤمن بأن الاستعمارات الثقافية هي الأسرع وصولا وتعمقا ف كل الشعوب لإنها هي من تشكل الهوية وتقودهم كيفما اتفقت

وليس معنى هذا أن الاستعمار الثقافي هو مرادف لاحتلال العقل بل أحيانآ يكون هو المصدر الأساسي الذي   من خلاله

نستطيع تصحيح مفاهيم خاطئة وايصال الرسائل السامية التي تهدف إلى السلام وتعزيز العلاقات بين مختلف الشعوب دون أن يكون هناك تابع أو متبوع

في الختام ,نستطيع القول أن الاستعمار السعودي وإن كان بسيط إلا أننا لا ننكر بإنه قد نجح ف مهمته خاصة ممن هم ضد برنامج الابتعاث الذين لا زالوا يظنون بأن ابتعاث الطلبة قد يتسبب في تجريد الطالب من وطنيته لكن الكثير من الخريجين المتميزين أثبتوا أن الوطن هو الدافع الأول لنجاحهم وتقدمهم وجميعنا يتفق أنه لا شيء يضاهي شعور الانتماء والحنين لجزء من الأرض الذي يذكرنا دائمأ بأنه ف حاجة لنا

لكن يبقى ع كل طالب مبتعث أن يستعرض حضارته لا أن يستبدلها

وان يكون خير سفير لوطنه وأسرته