التخطيط على العشم.. الدارسون على حسابهم الخاص

الحقيقة المريرة التي لا يود أحد قراءتها بصوت عال من قبل أولئك المبتعثين على حسابهم الشخصي هي تجاهلهم للتخطيط الموضوعي لكل تفاصيل الحياة في حال وجود فرضية انعدام فرصة الانضمام للبعثة الحكومية لعدة أسباب وتحولات على المستوى الاقتصادي والسياسي والأمني تفرض هيمنتها على التخطيط الاستراتيجي للدولة في المستقبل وتغيير طريقة الحسابات التمويلية بما يضمن الموازنة والاستقرار للبلد على المدى الطويل في ظل تحديات الظروف الراهنة التي تحيط بالمنطقة العربية.

وصلتني عشرات المطالب عبر الايميل وحساباتي الشخصية في مواقع التواصل لعرض هذه المشكلة والتي أود صدقا لو ألغيها بعصا سحرية تحقق جميع الأحلام والأماني وبسبب تعقيدها بين عدة محاور متداخلة.

كان العرف الرائج بداية فتح برنامج الابتعاث أن يدرس على حسابه الشخصي من لم يوفق في الحصول المباشر على البعثة الحكومية بضعة أشهر يليها رفع طلب للوزارة بالانضمام بعد إكمال مدة الدراسة النظامية في معهد اللغة أو المرحلة الدراسية، إلا أن هذا النمط قد تغير بعدما أحدث في السنوات الأخيرة تشبعا في أعداد الخريجين مع محدودية الفرص في وظائف القطاع الحكومي متسقا ذلك مع فوضى تخطيط المبتعث نفسه لمستقبله وتجاهله مسألة التفكير في البدائل فيما لو طارت الفرص والوعود التي لم تمسك اليد بزمامها في عقود قانونية تضمن تمويل الابتعاث أو التوظيف.

اليوم أعيدت النظرة الحكومية في مسألة تقنين الابتعاث ورأت بكل موضوعية حصره على نطاقات تخصصية معينة وعلى مؤسسات حكومية محددة.

ومن ثم فوزارة التعليم غير ملزمة على تمويل كل من يريد السفر للخارج للدراسة على حسابه الشخصي، لأنه أساسا ليس من التزاماتها وواجباتها، وإن كان من طيب مبادرتها متابعته من خلال فتح ملف في الملحقية للإشراف على تقدمه الدراسي.

لذلك المبتعث على حسابه الشخصي أمامه خياران: إما البحث عن مصادر لتمويل الابتعاث من خلال العديد من المنظمات العالمية أو المشرف الدراسي أو الجامعة التي يدرس فيها وكلها لديها فرص للمنح الدراسية للطالب الأجنبي وذلك بسبب توقف برنامج المنح الدراسية المفتوح في وزارة التعليم السعودية، أو الخيار الثاني وهو إيقاف الدراسة وإيقاف استنزاف الميزانية الشخصية المعدة لغرض العيش لعدد من الأشهر والعودة إلى البلد والبحث من جديد على فرص إكمال الدراسة (في حال الرغبة) في أحد الجامعات المحلية، أو خلق فرص للعمل والابتكار والانضمام لبرامج دعم الشباب لريادة الأعمال، والأخيرة فرصة في أوج انتعاشها في هذه الفترة الزمنية مثلها مثل الابتعاث ستنضب يوما ما.

عدم الحصول على فرصة للابتعاث ليس نهاية للحياة الواعدة، فكم من مبتعث ممنوح عاد ولم يبدع، وكم من عصامي لم يكمل دراساته العليا تحول إلى نجمة فارقة في المجتمع.