•   info@saudiusa.com
 أمريكا ساحةً لتلاقي الثقافات السعودية
( 1 Vote ) 
29 تشرين1 2015

أمريكا ساحةً لتلاقي الثقافات السعودية

 

" أتممت سنتي الثالثة في أمريكا، وفي كل مرّة أعود إلى أرض الوطن أسمع حكايات وقصص عن “خراب المبتعثين”، التي عوّدت نفسي ألا ألقي لها بالاً. فكلها منقولة شفهيّاً، ولا يغيب عن بال أحدٍكم تَشٌوه القصص من لسان إلى آخر وأذن إلى أخرى، فضلاً عن إحتمالية أن يكون أحد افتراها وطورّها، لا أدري حقاً لأي سبب. على أيّ حال، نصف هذه الفترة لم أخالط وأعاشر فيها غير الأجانب، وقد كان يسيطر عليَّ اعتقاد أنّ السعوديين فيهم ما فيهم مما نرى ويُنقل لنا من سلوكيات "غير حضارية".

 

حيث كنت قابعاً في “فقاعتي” كما يقول الأمريكان، أي عالمي الخاص، تكشّف لي بعد فترة من الإنخراط التدريجي بهم أنني كنت مخطئاً. فيبدو أن هناك ما يشبه اليد الخفيّة التي تصطفي أولئكم الأكثر إنفتاحاً وتقبلاً للإختلاف الثقافي وتبقيهم هنا، أو تكيّف من ليسوا كذلك على أن يتفتّحوا ويتقبّلوا.


مع مرور الوقت زاد إحتكاكي بأبناء ثقافتي لحد الإنغماس التام بعد مشاركتي مع نادي الطلبة السعوديين بالمدينة والجامعة. ثم وجدت أنني أكثر ارتياحاً معهم ولهم، وكأني قد وجدت نفسي من جديد بعدما قد أضعتها زمناً. كان هناك شيء مختلف حقاً، حتى من صادقتهم وصاحبتهم يبدون مختلفين عن كل من عرفت في مدينتي، وكنت أتسائل من قبل عن الذي يربطنا ببعضنا إلى تلكم الدرجة، حتى أمددنا حبالاً إلى بيوت بعضنا وفتحنا أبوابها مشرّعةً. ولعل في حاجتنا لبعضنا في الغربة بعض الأسباب، ولعل في تصرّفنا على طبيعتنا أكثر من ذي قبل، بعيداً عن إلزامات مجتمعنا، أسبابٌ أخرى أيضاً. ولكن هاكم ما أرى، حتى الآن على الأقل.

 

مدينتنا مدينة جامعية، هي أشبه بالقرية في حجمها وقرب بيوتاتها وتصرّف أهاليها. الناس بين شاب وشائب، لا نرى متوسطي عمر إلا ما ندر كما هو متوقع من مدينة مثل هذه، من يأتون من السعودية إلى هنا متنوعون، لدينا أناس قدموا من الشمال حتى حدودها، والجنوب والمناطق الغربية والشرقية والوسطى. كثيرون ممن لم نلتق قطّ، فمن كان سيوصل إبن الجنوب بابن أقصى الشمال إن لم يزرها؟ ولكلِّ ثقافة وعادات منطقته عموماً وبيئته خصوصاً، ولكننا إجتمعنا جميعاً في الثقافة. فتلاقت كل تلك الثقافات في بقعة واحدة في مجتمع منفتحٍ بشكل شبه مطلق، هذا التلاقي بين الثقافات الجديدة والتي لها مشتركات كثيرة في النهاية بحكم المنبع، بالإضافة إلى الأرض التي نحن فيها مع تقبّلهم لنا، كوّن جوّاً جديداً يرحّب به الجميع تقريباً. جوٌّ رفع كثيرا من التعقيدات المجتمعية الغير مفهومة، وقام على الأس المشترك بيننا جميعاً، وهو باختصار محافظ ومنفتح ومتقبِّل في الوقت نفسه.

 

فلا غرو بعد ذلكم أن تكون صلتنا ببعضنا أقوى إذ تكوّنت في جوّ طبيعيّ، ونمت في سنّ نضج. المخيف حقاً أن نعود إلى بيئاتنا ونضطر إلى نسيان حياة جميلة كوّناها وعشناها. والمرعب أن لا نتلقّ قبولاً من قومنا فنضطر إلى التكيّف مع ما يريدون. فهل سنفعل شيئاً حيال ذلك يا ترى؟ " 

 

 

 تركي عايض التركي
رئيس النادي السعودي بجامعة ولاية أوريغون، مدينة كرفالس. طالب هندسة ميكانيكية سنة ثالثة.

 

قسم التحرير

محتوى هذه المقالة لا تمثل رأي صفحة سعوديون في أمريكا او فريق عملها وانما تمثل رأي كاتبها

- Twitter - Facebook
قسم التحرير

موعد نزول الرواتب

تم ايداع المخصصات

تسجيل الدخول