قد نُكسر ولكننا لا نموت

و بدأ الحلم يتحقق .. ولكم أن تتخيلوا فرحتها فهي الآن تحضر لأول أحلامها و أصغرهم..! مرت بصعوبات وكان أولها تعلم اللغة، ومقاومة شعور الحنين إلى الوطن، ومسألة التعود على الغربة، و البحث عن قبول الجامعة و لم تنتهي العوائق هنا كانت بعضها كتلك التي يواجهها أغلب المبتعثين وكان البعض الآخر مختلف تماما .. ولكن كان أسؤها ذاك الخبر الذي حل عليها كالصاعقة، كانت أسماء تنتظر تخرجها وحصيلة تلك السنين بفارغ الصبر وكانت تستعد وتحضر له يوما بيوم. و في ذلك اليوم الموعود يوم السبت الموافق السادس من سبتمبر 2014 و قبل تخرجها ب إحدى عشر شهرا تستيقظ أسماء محملة بالهموم وعلى غير عادتها أبت أن تجعل هذا السبت يمر كأي سبت فلم تحادث أهلها و خرجت من البيت و حين عادت في ظهيرة ذلك اليوم لشقتها تمنت ولو لحظة أن ما يحدث حلما ستفيق منه قريبا ولكن الحمدلله!

فتحت الباب فإذا بصديقتها التي تسكن معها مستقبلة إياها و تلك الدموع تغمرها و كأني الآن آرى تلك اللحظة أمام عيني و تلك المشاعر إياها تأسرني! فنظرت إلى صديقتي وهناك شئ في عينيها عجز أن يقوله لسانها فلكم أن تتخيلوا (ماتت أمي) إن الموت بحد ذاته موجع فكيف أن تموت و أنا بعيدة و كيف أن تموت و كنت أنا أحسب الأيام لأعود لها محققة حلمي الذي كانت تنتظره ولكن قدر الله و ماشاء فعل و الحمدلله أولا وآخرا و كان عزائي إنني كنت معها قبل ثلاثة أسابيع من وفاتها.

عدت إلى دياري و بعدها بثلاثة أسابيع عدت لأكمل مشواري و أحقق حلمي و حلم أهلي خاصة أمي رحمها الله و حين حان تخرجي في الثامن من أغسطس من عام ٢٠١٥ كان ذلك اليوم من أسعد أيام حياتي ولكم أن تتخيلوا تلك الفرحة التي قد غمرتني فحلم تلك السنوات يتحقق الآن و أراه بأم عيني فبعد أن وصلنا إلى القاعة و قصد كل منا مكانه كانت عيني تسترق النظر تارة يمينا و تارة شمالا في كل لحظة كنت أرى فيها إحدى أخواتي أو أخوات غربتي (صديقاتي) كنت أفرح ولكن شيئا ما كان ينقصني و كنت أبحث عنه فكأنني مكذبة للواقع(استغفر الله) فكنت أبحث عن أمي رغم إني أعلم إنني مهما بحثت فلن أجدها ولكن أبت نفسي يا أمي ألا آتمنى وجودك بينهم فطالما دعيتي الله أن يبلغك هذا اليوم ولكن حكمته سبحانه فوق كل شئ ..

لطالما تمنيت أن أحضنك بعد حفل التخرج و أقبل رأسك لأقول لك شكرا فتربية السنين و دعواتك و تعبك أثمروا غاليتي و طالما تمنيت أن تزيني صورة التخرج و تكون في منتصفنا أنا وأبي .و أختي و أخي ولطالما تمنيت أن ألوح بيدي لك و أنا في الحفل و كأني أقول لك يا أمي أنظري هذا هو الحلم يتحقق في أرض الواقع وكل من صبر نال ولكن الحمدلله يا أمي

فهأنا تخرجت رغم كل ماحصل، رغم المصاعب، رغم المتاعب، رغم الألم، و رغم إنكساري بموت أمي فإني لا أخجل يا أماه حين أقول إن موتك كسرني فموتك أخذ جزء من قلبي معه و أشعل نارا في قلبي و غصة بصدري لن تختفي ما حييت فإنهم يقولون يشيب الرجل حين تموت أمه فما عساه أن يكون حالي؟

فشكرا والدتي على دعآئك الذي حفني في حياتك فأنا لآ أنسى مكالماتي لك في طريقي لإختباراتي حين أسألك أن تدعين لي و أخبرك بخوفي من هذا الإمتحان فلولا الله ثم دعائك أنتي ووالدي لما وصلت إلى حلمي .. و يعلم الله كم تمنيت في هذا اليوم أن أقبل جبينك الطاهر و كفيك و أن آرى ابتسامة الفخر تعلو وجهك و أسأل الله أن يجعل هذا في ميزان حسناتك و يجزيك عني .خير الجزاء

.شكرا والدي أيها الرجل الحنون الذي طالما أخفى كل ألم الفراق حين توديعي في المطار لكي لا اتألم وشكرا على محاولتك إخفاء أي مشاعر حتى لاتزعجني بالبوح

 شكرا أختي على كونك تلك الصديقة و الأخت التي كانت ومازالت دائما بجانبي، كنت تلك العصا التي أتوكأ عليها حين غابت أمي فتسعين جاهدة أن تساعديني و تقويني لأتخطى تلك .الصعاب

.شكرا أخي على زرع تلك الابتسامة وتلك الساعات التي تحادثني بها جاهدا أن تمسح دمعي

.شكرا أهلي جميعا دون استثناء على دعواتكم، كلماتكم، تشجيعكم ووقفاتكم فلولا الله ثم أنتم لما وصلت إلى ما أريد ومن لايشكر الناس لايشكر الله

شكرا لأخوات غربتي فقد تشاركنا أدق التفاصيل و أصغرها لطالما بكينا و ضحكنا سوية فكم من دمعة مسحتموها و كم من ابتسامة رسمتموها فشكرا بحجم السماء و اسأل الله أن يجمعنا في .جنات قطوفها دانية كما جمعنا في دنيا فانية

.أخي/أختي المبتعث/ة قد يكون الحلم صعبا ولكنه ليس مستحيلا وقد تخفق/ين مرارا و تكرارا ولكن الفشل أول طرق النجاح وفي كل مرة درس فكن/كوني إيجابيا/ة

أختكم المبتعثة سابقا:
أسماء الرويعي
خريجة بكالوريوس إدارة موارد بشرية
Arkansas State University