الإبداع خارج الحدود

اطلعت مؤخرا على عدد من المقالات التي كتبها مبتعثون في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال مشاركتهم في مسابقة سعوديين في أمريكا الرمضانية، وهي المسابقة التي أرى أنها من الأهمية بما يسهم في استكشاف القدرات الإبداعية للمبتعثين والحفاظ على طاقتهم الأدبية في سياقها الذي يرتبط بالجذور والذات الإنسانية.

كانت تلك المقالات من الحرفية بما يؤهلها للمشاركة في المسابقة، وهي جديرة بالفوز غير أن المطلوب ترتيب طبيعي لها، فكان لا بد من رؤية تشريحية نقدية لا تنتقص منها وإنما تنظر في أعلى سقف لجودتها الإبداعية، وهي بصورة عامة تجاوزت الحد الإبداعي الأدنى وكشفت عن أدباء وكتّاب لديهم الكثير الذي يطرحونه ويناقشونه، ومن الضروري في تقديري أن يتفاعل المبتعثون مع المتغيرات من حولهم والتعبير عنها بهذا الثراء الذي تدفق إبداعا جميلا في كتاباتهم.

تلك المقالات المتنوعة التي تراوحت بين جمال الأسلوب وسلاسة الطرح واختلاف الأفكار، لا ينتقص منها بعض الأخطاء التعبيرية والأخطاء الإملائية والنحوية التي ظهرت في بعض نصوصها، فشرف المحاولة أكبر من أن يتوقف عند معالجات لغوية تعطّل الطموح الإبداعي لأن ذلك مما يمكن تطويره بالتواصل المستمر مع العملية الكتابية وإجادة اللغة ومعرفة ثرائها النحوي والبلاغي، ومن سار على هذا الدرب لا بد أن يتعلم من أخطائه ويصححها ليبقى قريبا من العيوب اللغوية التي تشوّه جماليات النص.

لا بد من أن يحظى هؤلاء المبدعون بدعم ورعاية تليق بتطلعاتهم الأدبية والفكرية والثقافية، ولا شك في أن الغربة لها تأثيرها المحفز في الكتابة كتفريغ عن شحنات ذاتية تحمل الطابع الإبداعي، فما تمت كتابته من الرقي بما يؤهله لأن يكون مشروعا مستمرا يوفر لأولئك المبتعثين فضاء إبداعيا يمتعون فيه أنفسهم بالكتابة ويقدمون رؤى وأفكارا وطروحات جديدة تمزج بين كثير من المتغيرات التي يكتشفونها في الغربة، ومن جانب فهي سياحة فكرية تعمل على ترويحهم من مشقة البعد عن الوطن والأهل فيكون ذلك سلوى لهم، وانطلاقا في عالم معرفي وثقافي ربما لم يكتشفوه بداخلهم من قبل.