•   info@saudiusa.com
( 0 Votes ) 
18 آب 2015

السماء ليست زرقاء

 

روائع المقالات المشاركة في المسابقة الرمضانية

 

 فاطمة عبدالكريم

 

نسينا ملامح بعضنا البعض وربما ملامحنا، ولا نتذكر سِوى صورة فلان بـ "الإنستجرام" ، و تغريدة فلان بـ "تويتر" ، وطلعة فلان بـ "سناب شات". نصبح ونمسي على الهاتف. حتى إذا خرجنا للترفيه عن أنفسنا في أماكن الطبيعة ، نتأمل "شاشات!" مؤسفٌ هو حالُنا؛ أَسْرى في زمن المطالبة بالحرية. و الأشد أسفاً أنهُ أَسْرى برغبتنا وإرادتنا ، "أَسْرى شاشات"! اسأل شخص حولك " ما هو لون السماء؟ " على الأغلب أن أجابته ستكون " أزرق ". السماء لونها أزرق فعلاً ، ولكن لونها أبيض أيضاً ، ورمادي ، وبرتقالي ، و أسود ! لون السماء متغير حسب الأوقات وتحت تأثير الظروف والأحوال .. كالبشر! فلو تأملت بالسماء كثيراً لاكتسبت نظرة متعددة الأبعاد للحياة.

 

التقيت يوماً مع أحد هواة الطبيعة، الكاتب و الممثل الأمريكي Jim Pfitzer ، والذي يمثل دور العالِم الدو ليوبولد Aldo leopold في المسرحية التي لعب دورها بمفرده " معايير التغير". جيم لديه مفاهيمه القيمة ، فرغم عدم حصوله على شهادة جامعية ، إلا أنه الآن يحل ضيفاً بالندوات الجامعية لنشر حكم الحياة. جيم أخذ دروس عن الحياة فقط عن طريق حبه وانغماسه بالطبيعة وتأملها ! يقول جيم أنه لم ولن يمتلك تلفاز. فإن سعت له الفرصة لمشاهدة شيء سوف يحبذ مشاهدة الطيور! وهذه نقطة مهمة جداً لحياة كل شخص منا، و الأغلب لا يعي لها و غافل عن أهميتها وربما وجودها بالكامل . حيث أن حياتنا ازدحمت بالمشاغل والضغوط، وتأمل الطبيعة هو الطريق الأصح للاسترخاء والهدوء والتخلص من هذه الضغوط. أنفسنا تحتاج إلى شمس مشرقة و ليس شاشة مضيئة في أيامنا الضوضائية. كما أن التأمل والتفكر والتعمق بالطبيعة يُساهم كثيراً في فهم الذات. نحن نفتقر إنسجامية الروح بالعقل والجسد ، نفتقر الإدراك الذاتي لما في أعماقنا. ولا أنسى بالطبع الدور الكبير لتأمل الطبيعة في ترسيخ اليقين بعظمة الله عن طريق التدبر في كمال خلقه والسنن الكونية ، فهي وصية الخالِق لِخلقه؛ (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) الغاشية .

 

في تاريخ البشرية، كان نبوغهم الفكري يصدر عن علاقتهم العميقة مع البيئة والطبيعة وتأملها. يقول العالِم آينشتاين: " أنظر بعمق إلى الطبيعة وبعد ذلك سوف تفهم كل شيء أفضل". أما اليوم .. هُجِرت الطبيعة ! و لست أعلم إلى أين ستأخذنا تلك الشاشات المضيئة التي تُظلِم حياتنا سوى إلى نسيان من نحن و من حولنا ، نسيان الواقع !! فيوماً عن يوم ليس فقط نخسر تواصلنا مع الطبيعة، بل أيضاً نخسر تواصلنا مع البشر. مهارات التواصل الاجتماعية "الواقعية" تتلاشى شيئاً فشيئ. حين تمسك بيدك تلك الشاشة تبدأ بطأطأة الرأس! الصمت! الكبوت! دقائق معدودة ثم تنعزل عن الإتصال بالواقع حولك ، الواقع الذي هو أولى بالاتصال.

 

أهذا هو حقاً ما يطلق عليه اليوم مواقع تواصل اجتماعي؟ هو ليس تواصل اجتماعي، بل هو بالواقع "تفاصل اجتماعي"! جهاز صغير محى الكثير! أعمى البعض عن رؤية أشياء حوله ذات أكثر أهمية ، وجعل حياته مفتقرة للتواصل الواقعي ذو معنى مع كِلا الطبيعة والبشر. لست أنكر فائدة تلك الأجهزة، ولكن خوفي على من يدمنها ولا يَزِنها!

 

اقتبِس من الشمس نوراً ! أَضِئْ عقلك و حياتك! أَضِئْ لنفسك و لمجتمعك.
 

قسم التحرير

محتوى هذه المقالة لا تمثل رأي صفحة سعوديون في أمريكا او فريق عملها وانما تمثل رأي كاتبها

- Twitter - Facebook
قسم التحرير

موعد نزول الرواتب

تم ايداع المخصصات

تسجيل الدخول