•   info@saudiusa.com
( 2 Votes ) 
26 آب 2015

الحب والسلام .. رسالة الأديان للعالم

 

 

 

ولاء العطاس


دُعيت إلى حفلة خاصة بالنساء عند عائلة أمريكية بمناسبة ولادة زوجة مبتعث سعودي. كانت الجلسة تملؤها الحب والاحترام الشديد لثقافتنا العربية وهويتنا الإسلامية. الابتسامة لم تفارق شفاههم وتلبية النداء وسرعة المساعدة طريقتهم ومراعاة شعور الاخر خلقهم وعدم التعرض لاعتقاد الاخر بجرح أو استهزاء منهجهم، والإيمان بالإله أساسا لديهم يسعون دوما لرضاه عن طريق حسن الخلق والتعامل مع الاخر.

 

هذا اللقاء الرائع مع الاخر وطريقة الاخر في التعامل معنا لم يكن جديدا بالنسبة لي لأن هذا ما أؤمن به كمسلمة نشأت في عائلة معتدلة وترعرعت في بيئة تحتضن أفراد ذو أراء عدة ومختلفة بحب وسلام.

 

هذه المعاني الجميلة والتفاصيل العميقة التي نفتقدها اليوم في التعامل مع الاخر للارتقاء بحياة الإنسان كفرد وكمجتمع حثت عليها الشريعة الإسلامية باسم الإنسانية ونادى بها الكثير الكثير من معتدلي رجال الدين والدعاة والمثقفين قبل أن تنادي بها الدول المتحضرة اليوم باسم القانون! ولكننا للأسف الشديد نفتقدها في واقع حياتنا.

اليوم يخرج علينا من يتحدث باسم الدين ليوهمنا أن الدين ضد الحب والسلام والتلاحم وحسن الخلق وغيرها من روائع الرقي في ديني! و بسبب هذا فاليوم أصبحنا لا نستطيع ان نبستم لأخ يخالفنا حتى نستطيع أن نبتسم للأخر، اليوم أصبحنا نسأل عن المذهب قبل إلقاء السلام فكيف بتحية الاخر، اليوم أصبحنا ندعي على من لم يتبعنا في الأمور الخلافية فكيف بمن لم يتبعنا في الدين! واليوم وليس غدا يجب علينا أن نعي مخاطر هذه التصرفات السيئة التي تحركها تلك الأفكار المتطرفة ودعاة سوء الخلق، بل يجب علينا كمسلمين أن ندرك أهمية التلاحم فيما بيننا بشكل خاص وحسن الارتباط بغيرنا بشكل عام ولا أقصد بغيرنا المخالف لنا في الرأي والمذهب فقط بل في الدين كذلك!

 

لا أقول أننا كمسلمين نفتقد هذه الأمور بشكل مطلق مع إيماني التام بوجودها في ديننا، ولكن أقول أننا بشكل عام لم نصل إلى المستوى الطبيعي والمطلوب في الالتزام بها لأسباب عدة تكمن في انتشار التفسيرات الخاطئة لبعض المفاهيم الدينية، و انتشار دعاة الكره والتحريض لأسباب اجتماعية وسلوكية أيضا.

 

دراسة هذه الأسباب موضوع عميق لا تكفيه صفحة أو اثنتان ولكن سوف أحاول أن أوجز بعض الأسباب، على سبيل المثال أحد التفاسير المنتشرة بين الشباب لمفهوم عقيدة الولاء والبراء هو كره المخالف سواء في المذهب-من غير المذاهب الأربع- أو الدين، وبدون هذا الكره والبغض إيماني كمسلم ناقص! وهذا التفسير قالته لي إحدى الزميلات عندما كنا نتحدث عن موضوع يمس إخوتنا من مذهب منتشر في مجتمعنا وليس بالضرورة تبني رجال الدين له. سبب اخر يرتبط بدعاة التحريض والكره المنتشرين في وسائل التواصل الاجتماعي والمطلق سراحهم للأسف الشديد! فقد تجد الشيخ المنتمي للفكر ألف يحرض أتباعه على كره وشتم وأحيانا التضييق والإضرار بأتباع الشيخ المنتمي للفكر باء والعكس أيضا! إن لم نستطع أن نتحمل اختلافات بعضنا فهل سوف نتحمل خلافاتنا مع الاخر؟ وإن كانت هذه الطريقة منهجنا فعلى الدنيا السلام ولا حل إلا بجيل مثقف ومتعلم يعيد المياه لمجاريها بعد أن جفت واشتد جفافها.

 

الاختلاف هو سنة الحياة والتنوع إن لم يكن موجودا فلِمَ خُلقنا؟ أليس الغاية من خلقنا عبادة الله وحده ودعوة الاخر للدين الإسلامي دين الرحمة والحب والسلام؟ إذا يجب علينا الاعتراف بالآخر وحقه في الحياة وحقه في الاختيار بل وحقه في احترامه ومحبته لأن رسالة الدين هو الحب ولا يوجد دين سماوي يحرض على الكره ابدا، وعندما نعي ذلك ونؤمن به سوف نترجمه عن طريق أفعالنا مع اخوتنا في مجتمعنا ثم في أمتنا ثم مع الاخر أينما كان.

 

القانون اليوم ايضا له دور فعال وقوي جدا في المساهمة في حل مثل هذه المسائل عن طريق تشريع قوانين تجرم الطائفية والمذهبية والتحريض وتلزم الناس على الاحترام بكافة أنواعه، ولنا في خطوة الإمارات الأخيرة التي شرعت من خلالها قانون لمكافحة التمييز والكراهية وازدراء الأديان أسوة حسنة.

 

قد يسيء البعض فهم المقال مع أنه فكرته واضحة جدا وتدعم مفاهيم رائعة فقدت اليوم على الساحة العربية والإسلامية وكانت سبب في حرق مجتمعات وتمزيق أوطان وتشويه أديان، وقد يثير البعض الاخر نقاط عدة لغرض التساؤل وعلى سبيل النقاش ويسعدني أن أقرأ التعليقات والآراء على سبيل الدعم أو الانتقاد البناء و المرتبطة بفكرة المقال.
 

قسم التحرير

محتوى هذه المقالة لا تمثل رأي صفحة سعوديون في أمريكا او فريق عملها وانما تمثل رأي كاتبها

- Twitter - Facebook
قسم التحرير

موعد نزول الرواتب

تم ايداع المخصصات

تسجيل الدخول